مُقَدَّمة من حسين مهنّا إلى د. محمّد البوجي أُستاذ قسم اللّغة العربيّة في جامعة الأزهر – غزّة

ليست الكتابَةُ حِبْراً على وَرَق..

 (1)

الشّعرُ قبلَ أن يكونَ كَلاماً ووزْناً وقافيةً هو إحساسٌ صادقٌ يخرجُ من قلْبِ الشّاعرِ ولا يحُطُّ إلاّ على زِنْدِ كادِحٍ،أو قبضَةِ ثائرٍ،أو راحةِ عاشِق.

الشّعرُ طائرٌ مُلَوَّنُ الجناحينِ،إن وقفَ على عودٍ يابِسٍ إخْضّرَّ وأينعَ،وإن لامَسَ غيمةً أمطَرَتْ كَوثَراً،وإن دَخَلَ أرضاً يباباً تحوَّلَتْ الى حقولِ قمحٍ وياسمين.

الشِّعرُ صَقرٌ طليقٌ إذا دُجِّنَ تَحَوَّلَ الى دجاجةٍ،وإن سُجِنَ انتَحَرَ بِسيفِ كَرامَتِه.

الشِّعرُ واقعٌ حَطَّمَهُ الخَيالُ،وجمعَ العَقْلُ شَظاياهُ لِيبنيَ منها واقِعاً جديداً يكونُ أقربَ ما يكونُ الى مَدينةٍ فاضِلةٍ،ويكونُ أبعدَ ما يكونُ عنها،وإذا فَشِلَ أعادَ الكَرَّةَ من جديدٍ.

وما دامَ الشِّعرُ بِالنِّسبةِ للأدبِ جُزْءَاً من كلٍّ،فقولي هذا في الشِّعرِ هو قولي في الأدبِ أيضَاً.

(2)

وَمُذْ قالَ الَّرسولُ الكريمُ”هيهِ يا خُناس”فقدْ أُطْلِقَ العَنانُ لِلقصيدَةِ العَرَبيَّةِ،وبورِكَتْ شَرعِيَّتُها لتأْخذَ دورَها في إحقاقِ الحَقِّ وإزهاقِ الباطِلِ،ولِتُشَكِّلَ الجزءَ الهامَّ من الأدبِ عامَّةً.فكم من قصيدَةٍ أشعلَتْ ناراً مُقدَّسَةً،فَأَنارَتْ دُروباً مُظلِمةً،وأيقظَتْ قلوباً أنهَكَها القُنوطُ،فعادَتْ تَسْتَشْعِرُ الأملَ لا اليأْسَ،والقوَّةَ لا الضَّعْفَ..  ولاحِقاً، جاءَتِ القِصَّةُ والرِّوايةُ لتزيدَ الموقفَ قُوَّةً والأدبَ كمالاً.     

(3)

وحينَ سقطَ الوطنُ جريحاً بِطَعَناتِ غَدْرِ الغادرينَ،بكيناهُ دونَ أنْ نحثوَ التُّرابَ على رؤوسِنا كما فعلَ إخوةُ امرئِ القيسِ،بل قُلنا كما قالَ:اليومَ خمر، وغداً أمر…وسارتِ القضيَّةُ صُعوداً،وسارَ معها الشّعرُ بِشكلٍ خاصّ،والأدبُ بشكلٍ عامّ،صعوداً أيضاً. وحينَ كانَ الشَّهيدُ مِن شعبِنا يسقُطُ على درْبِ التَّحريرِ مُكَبِّراً،كانَ شعرُنا/أدبُنا يحمِلُ صدى تكبيراتِهِ أنينَاً إنسانيَّاً موجِعاً يدقُّ الآذانَ الموصَدَةَ في هذا الكونِ،ودقَّ..ودقَّ.. ودقَّ..حتّى انفتحَتْ على أدبٍ فريدٍ يُمجِّدُ أرضَ فِلَسطينَ،ويبارِكُ إنسانَها مُسْقِطاً كُلَّ قِناعٍ زائِفٍ عن كلِّ وَجْهٍ قبيح.

(4)

لو أخرجْتُ نفسي من غموضِ التَّعميمِ الى وضوحِ التَّخصيصِ،لقلتُ:إنَّ مسيرةَ أدبِنا المحلّيِّ خاصّةً،والفِلَسطينيِّ عامَّةً هي هي مشواري معَ قصيدتي.وأجزِمُ فأقولُ:إنَّ مشروعي الشِّعريَّ أعتبرُهُ قصيدَةً مُطَوَّلَةً مُوَزَّعَةً على مجاميعَ شعريَّةٍ أُعلِنُ بها عن حُبّي لوطني،ووفائي لشعبي،وتوقي الى حياةٍ يسودُها الحُبُّ والحُرِّيَّةُ والسَّلام.

(5)

بدايتي مع الأدبِ/الشِّعرِ هي بدايتي مع حُبِّ الّلغةِ العربيَّةِ على مقاعدِ الدِّراسةِ الابتدائيَّةِ في قريتي البُقَيعة/الجليل..كيفَ لا أنشَأُ على حُبِّ لُغتِنا وأُستاذي الشّاعرُ الرّاحلُ مُنيب مخّول يُجَسِّدُها لي بِزِيِّهِ العربيِّ،بِاختيارهِ قصائدَ المحفوظاتِ،بِطريقةِ إلْقائهِ ..كُنتُ أرى فيهِ المُتَنَبّي أو أبا فِراسٍ أو امرَءَ القيسِ لِقُدرَتِهِ على التَّماهي معَ صاحبِ القصيدَةِ تَعبيراً وحركةً.

(6)

مرحلتي الثّانيةُ كانَتْ على مقاعِدِ دراستي الثّانَويَّةِ في قريةِ الرّامةِ المُجاوِرَةِ لِقريتي.

فمواضيعُ الإنشاءِ الّتي كُنْتُ أكتُبُها،لَفَتَتْ انتباهَ أُستاذي الشّاعرِ الرّاحلِ شكيب جهشان –أُستاذ الّلغةِ العربيَّةِ في ثانَويَّةِ الرّامة-لَكَأَنَّهُ وجدَ بِذْرَةَ الأدبِ في كتابتي فاَخذَ يرعاها بِحُبِّهِ الغامرِ وروحهِ الشّاعِرةِ وبِثقافَتِهِ الواسعةِ،فأينَعَتْ على يديهِ الكَريمَتينِ وقليلاً قليلاً تحوَّلَتْ من مواضيعَ إنشائيّةٍ الى بواكيرَ أدبيّةٍ في القِصَةِ القصيرةِ وفي الشّعر.

(7)          

انتهَتْ دراستي الثَّانَويَّةُ لِتبدأَ مُحاولاتي الأدبيَّةُ بِشَكلِها الأنضجِ دونَ أن أنشرَها،أو حتّى أنوي نَشرَها،الى أن وقعَتْ إحدى قِصصي القصيرةِ بيدِ الصًّديقِ الشّاعرِ المُبدِعِ الرّاحلِ سالم جُبران،فَنشرَها في مجلَّةِ (الغد)الّتي كانَ يرئسُ تحريرَها آنذاك، باسمٍ مُستَعارٍ(بشير خير).بعدَها توالى ظُهورُ قصصي وقصائدي في(الغد والجديد والاتِّحاد)بنفسِ الاسم ثُمَّ باسمِ(شريف أبو صابر)حتّى سنةِ1975.    

(8)

لكنَّ المرحلةَ الأصعبَ هي كيفَ تبني نَفسكَ ثقافيّاً لتكونَ أديباً يعرفُ كيفَ يُطوِّرُ نفسَهُ يوماً بعدَ يومٍ،فيأخذُ من العلومِ عُصارَتَها،ومن الآدابِ لُبابَها..لا لِينسَخَها أو لِيمسَخَها بالتَّقليدِ الفِجِّ،بل لِيهضِمَها ثُمَّ يُعيدَ إنتاجَها من جديدٍ وقد حَمَلَتْ جيناتِهِ هو. وإن دخلَ صالونَ الأدبِ الرَّفيعِ يَدْخُلْهُ من بابِهِ الأماميِّ لا من بابِهِ الخلفِيِّ أو من شبابيكِهِ.

(9)

لماذا كتبْتُ باسمٍ مُستعار!؟

سألَني طُلاّبي مَرَّةً:لو لم تكُنْ مُعلِّماً،ماذا كُنْتَ تُحِبُّ أن تكون؟أجبْتُ بلا تردُّد:لو لم أكُنْ مُعَلِّماً،لأحببْتُ أن أكونَ مُعلِّماً.

لم يكن التَّدريسُ يومَها مِهنةً شريفَةً فقط، بل كانَ مُهمَّةً نضاليَّةً من الدَّرجةِ الأولى.واختِيارُ المُعلِّمينَ لم يكنْ أمراً هَيِّناً عندَ القيِّمينَ على التَّربيةِ والتَّعليم في مدارِسِنا.فسياسةُ التَّجهيلِ والعَدَمِيَّةِ القوميَّةِ لا تتماشى معَ من انصهرَ في أتّونِ تاريخِهِ وتُراثِهِ ولُغَتِه.وهم يريدونَ معلِّمينَ بِمُواصفاتٍ تُناسِبُ مناهِجَهم تلك.من هنا جاءَتْ فِكْرَةُ أن أنشُرَ قصائدي وقصَصي الوطنيَّةَ،وحتّى الوجدانيَّةَ،باسمٍ مُستعارٍ من جهةٍ،وأن أُؤَدّي واجبي تجاهَ طُلاّبي من جهةٍ أُخرى،بالرَّغمِ مِمّا عانَيْتُهُ من مُضايَقاتٍ ورِقابَةٍ وتحقيقاتٍ وإبعادٍ عنِ العملِ في إحدى السّنين. 

(10)

قد يُسألُ الأديبُ،ما علاقةُ الأدبِ بالواقِعِ الاجتماعيِّ!؟أقول:ما أشبهَ هذهِ العَلاقةَ بِعلاقةِ الأُمِّ بوليدِها.حتّى بعدَ قَطْعِ الحَبْلِ السُّرّيِّ تظلُّ الأُمُّ أُمّاً ويظَلُّ المولودُ ابنَها. كيفَ يُمكنُ لِشاعِرٍ يعيشُ في الباديةِ ويكتُبُ عن البحرِ ويكونُ مُقْنِعاً!! كيفَ يُمكنُ أن أتَعامى عن قضايا شعبي،الّتي هي قضايايَ،وأكتُبَ شِعراً سُرياليّاً!!كيفَ يُمكنُ أن أكونَ لَصيقاً لِلنّاسِ بِأفراحِهم وأتراحِهم وأنا أُحلِّقُ بعيداً بعيداً في فَضاءاتِ عوالِمَ ليستْ لنا مُعتَقِداً أنّني ،بهذا،أكونُ شاعراً حداثيّاً!! الأمرُ عندي أبسطُ من ذلك،أنا أُحسُّ= أنا أكتبُ شَرْطَ ألاّ أتنازَلَ عَمّا تَتَطَلَّبُهُ القصيدةُ من فَنِّيَّةٍ تَرْقى بها لِتكونَ أدَباً رَفيعَاً.

وحينَ يُخرِجُني الهَمُّ الكونيُّ من دائرةِ هَمِّي الذّاتيّ أجِدُني مُنْحازَاً الى حُشودِ الفُقراءِ المُسْتَغَلِّينَ المقهورينَ في هذا العالَمِ القاسي،ومُمسِكاً بِكِلتا يديَّ بِبوصّلَةٍ لا تُشيرُ إبْرتُها إلاّ الى رَهْطِ الكادِحينَ،وحيثُ يكونونَ أكون.  

(11)

حينَ كانَ شعبُنا لا يزالُ في حالةِ ذهولٍ وشَلَلٍ لِفَقْدِ الوطنِ،كانت القصيدَةُ تُراوِحُ ما بينَ نَعْيِ ناعٍ أو نَوْحِ نائحٍ،أو بالكثيرِ الكثيرِ زَفْرَةِ ثائر.ولكنْ سُرعانَ ما خرجنا من حالةِ الذّهولِ تلك،لِتتحوَّلَ قصائدُنا وقصصُنا الى دعوةٍ مُقَدَّسةٍ لِلتَّمَسُّكِ بالأرضِ وبالهُوِيَّة.وسُرعانَ ما جَمَعْنا فُلولَنا لِنُشكِّلَ شريحَةً اجتماعيَّةً عربيَّةً داخلَ إسرائيل، كان الصّوتُ المُعارِضُ فيها أعلى من أصواتٍ نادتْ بقُبولِ الأمرِ الواقعِ فَآثَرَتِ الُّسكوت.من هنا،من رَحِمِ هذهِ المُعارَضةِ خرجتْ قصائدُ الرَّفضِ الّتي عُرِفَتْ فيما بعْد بِشعْرِ المقاومة. ولكنْ تَظَلُّ مرحلةُ النُّضوجِ الحقيقيَّةُ في الحالةِ الفِلَسطينيّةِ عندما تحوَّلَتْ من الوقوفِ على الأطلالِ الى السَّير قُدُماً بِقُوَّةِ الّذي لن يخسرَ،بعدَ خسارةِ الوَطَنِ،غيرَ مِحنَتِهِ الّتي هو فيها.وجاءَتْ صرخةُ القائدِ الخالِدِ أبي عمّار ياسر عرفات في أروقَةِ هيئَةِ الأُممِ”جِئْنا نحمِلُ غُصنَ الزَّيتونِ في يدٍ،ونَحملُ البُندُقيَّةَ في يدٍ”لِتَرسُمَ معالِمَ الطَّريقِ الى فِلَسطينَ،ولِتوقِظَ هذا العالَمَ من”الكوما”الّتي أعمَتْهُ عن أصالَةِ تاريخِنا وتُراثِنا ولُغتِنا وآدابِنا.وبَداهَةً،فإنَّ القوَّةَ السِّياسِيَّةَ تحملُ مَعَها نَهْضَةً اجتماعِيَّةً وأدَبيَّةً وفنِّيَّة. 

(12)

إنَّ قصيدةَ المُناسَبةِ،على الأغلَبِ،لا تُعمِّرُ طويلاً إن لم تَرفَعْها شاعريَّةُ الشّاعرِ من كونِها رَدَّ فِعْلٍ الى أن تكونَ هي الفِعْلُ.أدركْتُ هذا باكِراً،حاولْتُ أن أنسُلَ قصائدي من نسيجِ هذا الوَطنِ،لتكونَ ابنةً شرعيَّةً له،ولِتكونَ المُناسَبَةُ وَجَعَاً إنسانيَّاً لا صرخةَ غضبٍ فقط.إلاّ أنَّ مجموعتي الشِّعريَّةَ”الحُبُّ أوَّلاً”حَمَلَتْ مجموعَةً من القصائدِ المُهداةِ لزوجتي رَفيقةِ دربي(منيرة)وفاءً منّي لها لِصَبْرِها على ما لَحِقَنا من شَظَفِ عيشٍ ومن جَنَفِ حاكِم.أمّا كتابي”على سريرٍ أبيض”فقد جاءَ نَصَّاً أدبيّاً يحملُ فيما يحملُ تأمُّلاتِ مريضٍ على سريرٍ أبيضَ في مُستَشْفىً كانَتْ قبضَةُ الموتِ أقوى وأقربَ اليهِ من قَبْضَةِ الحياةِ،ولكنَّ الّلهَ سَلَّم.

(13)

النَّقْدُ عمليَّةٌ جراحيَّةٌ لِلنَّصِّ الأدبيِّ،قد تُدخِلُهُ الى غُرفةِ العِنايَةِ المُكَثَّفةِ أو تُعيدُهُ الى صاحِبِهِ أكثرَ عافيةً.والنَّقدُ لِلنّاقِدِ تماماً كالمِقَصِّ لِلجَنائنيِّ،فإن أحسنَ استعمالَهُ ازدادَتْ ورودُ الحَدائقِ نُضرةً وجمالاً،وإن أساءَ الاستعمالَ ماتَتْ الورودُ مُتَدَثِّرَةً بِقهرِها وحُزنِها.النّاقدُ المُبدِعُ كالأديبِ المُبدِعِ،إن كتَبَ يَكتُبْ ماتِحاً أحكامَهُ النَّقديَّةَ من فِكْرٍ حُرٍّ،ومن ذائقةٍ مُمَيَّزَةٍ ومُمَيِّزَة.وقد يتَّكئُ على أحكامِ نُقّادٍ ثِقاتٍ،ولكنْ بِمِقدارِ حاجَةِ الطَّعامِ الى المِلْحِ أو التّابِلِ،لا أن يُثْقِلَ نَقْدَهُ بما يتلَقَّطُهُ من نَظَريّاتٍ نَقديّةٍ عالَميَّةٍ قد تَتَلاءَمُ وقد لا تَتَلاءَمُ مع نتاجِنا الأدبيِّ المَحَلّيِّ،بَلْهَ العربيّ.ويومَ يواكِبُ النّاقِدُ كُلَّ ما يَصدُرُ عندَنا من أدَبٍ،ويَقتَنِعُ أنَّ كُلَّ مادَّةٍ أدَبيَّةٍ،ولا يَهُمُّ مَنْ يكونُ صاحبُها،هي تحتَ النَّقدِ، سيكونُ حديثُنا عن النَّقْدِ أكثَرَ موضوعِيَّةً وأقَلَّ تَجَنِّياً.  

إلاّ أنَّ النّاقدَ الأوّلَ والأخيرَ عندي،والّذي لا اعتراضَ على أحكامِهِ هو الزّمنُ.إنَّهُ المُخَوَّلُ الوحيدُ الّذي يحفظُ أو لا يَحفَظُ عَمَلاً أدبيّاً ما،ولهُ الحَقُّ كُلُّ الحَقِّ في أنْ يُبقي ما يَستَحِقُّ البقاءَ،ويُفني مَا يستحقُّ الفناء.إيماني هذا أوصَلَني الى أنَّ الشُّهرةَ الإعلاميَّةَ أمرٌ حسنٌ،وأحسنُ منهُ البَقاءُ عَبْرَ الزَّمنِ ولو بِعَمَلٍ أدَبِيٍّ واحدٍ أُسوَةً بِأصحابِ القصيدِةِ الواحِدة،والصِّمَّةُ بن عبدالّله القُشيري في قصيدَتِهِ الّتي مَطلَعُها(حَنَنْتَ الى رَيَّا…)خيرُ مثالٍ على ذلك.  ولا يكونُ من بابِ جَلْدِ الذّاتِ إن قُلْتُ:خيرُ ما اعتَدْتُهُ،فيما اعتَدْتُ،أنَّني أقرَأُ وحدي وأكتُبُ وحدي وأتْرُكُ لِلأًيّام. 

(14)

حينَ نتحدَّثُ عن دورِ النَّشرِ عندَنا نُغضي خَجَلاً لِنُدرتِها،ونَتَذَكَّرُ وَفْرَتَها وانفتاحَ أبوابِها عندَ الكاتِبِ العِبريِّ الّذي ما عليهِ إلاّ أن يقدِّمَ أدباً راقياً،لا بل لهُ نصيبٌ من الرِّبْحِ كَحَقٍّ لهُ لا كَمِنَّةٍ من دارِ النَّشْر.وأكثَرُ من ذلكَ،إنَّ وزارةَ الخارِجِيَّةِ العِبريَّةَ تُخَصِّصُ من ميزانيّتِها العامَّةِ ميزانيَّةً خاصَّةً تُعنى بِترجمةِ إبداعاتِ كُتّابِها الى مُعظَمِ الّلغاتِ الحيَّة.والسُّؤَالُ المُضحِكُ المُبكي..أينَ نحنُ من كُلِّ هذا….؟؟! سُؤَالٌ يظلُّ تحتَ عَدَسَةِ المُجْهِرِ الى أن يقضي الّلهُ أمراً كانَ مَفعولا…

البقيعة/الجليل
نيسان 2012