حسين مهنا شاعر فلسطيني

من: شاكر فريد حسن

حسين مهنا شاعر فلسطيني رقيق ومجيد التزم قضايا الوطن والحرية وتمتع بالحس المرهف…

حسين مهنا شاعر فلسطيني رقيق ومجيد التزم قضايا الوطن والحرية وتمتع بالحس المرهف، ووظف قلمه في الدفاع عن قضايا شعبه ووطنه. وهو صوت دافئ ممطر مخضر يكتب ويجدد ويتجدد، ويجمع في قصائده عمق الشعور والاحساس وقوة الخيال وادراكه للسحر الموسيقي الخلاب فيعيد صياغة الكلمات التي تعانق وتلامس نبض القلب والروح. وشعر حسين مهنا بليغ، حسن الديباجة، سلس الاسلوب، وفيه صدق وجداني واحساس جمالي، وسهولة وانسجام وجلاء، وألفاظ عذبة حسنة الوقع، وتتصف قصيدته بالايجاز والتكثيف وا لجودة والمتانة التركيبية والجزالة. انه صادق التعبير عن عاطفته الجياشة واحاسيسه الإنسانية الوجدانية الرقيقة، فلا يتكلف بتاتا ولا يكتب غير ما يحس ويشعر به، فاذا استخفه الحب تغزل، واذا تقدمت به السن لهج بالعشق والهوى وافصح عن العفة والرزانة.

ولحسين مهنا 13 عملا شعريا، اخرها “الكتابان.. ويبدا بالثا ني وينتهي بالاول ـ تضيق الخيمة، يتسع القلب ” الذين صدرا عن دار الاسوار العكية.

ان قصيدة حسين مهنا هي انعكاس وابداع، تواكب موجة الأحداث وتتجاوز حدود الزمان والمكان، انها ابداع شعري غني بالرموز والاخيلة والصور الجميلة والحس العميق واللغة الناعمة الصافية الرقيقة. ومفهوم الحب لديه لا يعوم على السطح بل يتغلغل في اعماق النفس البشرية، مكتشفا ومصورا انفعالاتها وتناقضاتها. فهو لا يكتفي بتصوير تجربة الحب العادية، بل يغوص عميقا ليكتشف لنا الحب بكل ارتباطاته وابعاده: الحب والارض، الحب والإنسان، وهو بكل ذلك يسعى لان يلتحم بحبيبته التحاما وثيقا، مفجرا كل طاقاته الفاعلة ومتغلغلا في الاعماق وفي جذور الاحساس، فلنسمعه يقول في قصيدة ” تعالي لنحفر بئرا ” من ديوانه الاخير:

تمنيت ودك منذ التقينا

الم تقرأيي النظرة البكر عد اللقاء

حملت ودادي بصمت

تواريت خلف المنى وانتظاري

وواريت حبك بين سواد المداد

وبين غضون الحياء

وحار فؤادي المسافر

ما بين صمت يرين على شفتين

وما بين عينين لا ترفضان ودادي

كانا نعوم على غيمتين

اذا قربتني الرياح اليك

ابتعدت

وان شردتني الرياح اقتربت

فهلا جمعت نثاري

وقصرت انتظاري

ونفضت عن جمرات الفؤاد رمادا

تكاثف فوق الرماد.

وتاتي قصيدة حسين مهنا رافلة بالسحر الروحي ومحلقة في اغوار الإنسان، ويغمرنا تدفقه العاطفي، ويتحول الحب الى قوة روحية وتتحول الحبيبة من كونها رمزا للارض والوطن الى رمز للهدف المنشود الذي يدفع الشاعر للطمانينة،، فيناجي ويخاطب حبيبته قائلا:

اتدرين..

حين اقول احبك

اني اراك سنونوة تمرحين

وقلبي اراه فضاء رحيبا

فطيري بذاك الفضاء الرحيب كما تبتغين

وعودي الي بحب جديد

يكون فتيا شقيا.

فنغمر درب الحياة الجديب

بورد كثير

وشوك اقل وابقى لحبك لحن الوفاء

وتبقين انت الحبيب الوفيا.

وقدرة حسين مهنا تتمثل في ادخاله مضامين ثورية في اطار لغة جديدة وحداثية مصورة، اما مضامينه فتتسم بالاصالة والعمق والتفرد والاتساع واما لغته فلها نكهة البحر وفتنة السحر، وتوهجه العاطفي يتمثل في اصراره على الحب، رغم الاحتراق ورغم الموت، وألفاظه منتقاة، مفهومة في مجملها وتتابع في رصانة وجزالة بدون صخب وضجيج.

 1

واخيرا، حسين مهنا شاعر الحب والغزل الرقيق العفيف، البعيد عن الشذوذ الذي يقتل الحب الحقيقي، كلماته الشعرية تسيل رقة ونعومة وعذوبة لتتغلغل الى احاسيس القارئ دون عناء، وتدخل اعماق القلب بدون جواز مرور. انه يعيش قصيدته ويختلف عن غيره من شعراء الالتزام السياسي بانه كرس الكثير من قصائده ودواوينه للحب، عدا تناوله موضوعات وهموم تشغل الإنسان الفلسطيني الى جانب قضايا الارض والوطن والحرية وهموم العمال والطبقات الشعبية.